غير مصنف

مهنة الموت بقيادة جاموسة في بطن الجبل.. “قلل القناوي” كالنداهة تخطف أرواح الشباب رغم جمالها.. والعاملون: ورثناها عن أجدادنا (صور وفيديو)

قنا: سمر مكي

“قلل القناوي” منذ الصغر ولدينا فكر وجانب واحد عنها وعن صناعتها التي لخصها سيد درويش في إحدى أغنياته وهي “مليحة قوي.. القلل القناوي” كمهنة تراثية جميلة متوارثة من الأجداد اشتهرت بها محافظة قنا ورسمت صحرائها بألوانها المميزة، لكن ماذا عن الجانب الخفي لها؛! الذي يبتلع أرواح الشباب في حضن الجبل وعن الجاموسة بطلة صناعتها ولا يصلح أي آلة بديل لها رغم ما نعيشه من تطورات تكنولوجية.

في البداية “قلل القناوي” شكلها ثابت لكنها استخداماتها عديدة ففي صعيد مصر تستخدم لتبريد المياه وتخزين العسل وتخزين الجبن حتى يصبح مش، بينما في وجه بحري تستخدم في تخزين الأرز، اشتهرت محافظة قنا بصناعتها وكان اسمها قديما “البلاص” على اسم القرية التي كان كل سكانها يقومون بصناعتها لكن بعد ذلك اعترض الأهالي على اسم بلدتهم وأصبح اسمها “المحروسة”.

قلل القناوي نداهة تخطف أرواح الشباب 

“كالنداهة تخطف أرواح الشباب رغم جمالها” هكذا وصف أحد العمال صناعة القلل، التي ما زالت تحارب من أجل البقاء في صحراء محافظة قنا، وتندرج ضمن مهنة الفخار، لكنها بقلة بسبب ما يحاوطها من مشقة وخطورة في ذات الوقت، تبتلع عمالها أسفل الجبال أثناء جمع الأحجار التي لا تُصنع إلا من خلاله وتواجدها دائمًا على أمتار طويلة في بطن الجبل.

من جبل قرية الطويرات مركز قنا التقت “الصعيد لايف” مع مجموعة من العاملين أثناء عملهم في صناعة “القلل” المكان كان أشبه بالخريطة مرسومة بالمنتجات والعمال، ففي كل الجوانب منتشرين أحدهم يكسر الأحجار بالشاكوش وغيره يخزن المياه من البئر وآخر على يصنع على الدولاب، سوف نتناول مراحلها بالتفصيل خلال السطور التالية؛

رحالة في بطن الجبل 

تبدأ صناعة “القلل” في فصل الشتاء عمالها يحملون الأجولة المتينة ويتجهون إلى تسلق الجبال يمشون أمتار طويلة بداخله حتى يجمعون الطفلات هي عبارة عن كتل حجرية المادة الوحيدة التي يتم صناعة القلل منها، ثم يتركونه في الشمس حتى يجف ليتم تحميله على الورشة التي يصنعون بها، هذه المرحلة هي الأخطر عن بقية المراحل ولم تمر بسلام فسنويًا يوجد ضحية لهذه المهنة أثناء جمعه الأحجار يسقط عليه جزء الجبل يؤدي إلى وفاته، وأحد المتوفين قدم به محافظ قنا واجب العزاء وساعد ابنه في تعيينه.

قال “محمود” أحد عمال صناعة “القلل”، بعد تجميع الطفلات طوال فصل الشتاء تأتي مرحلة تكسيرها باستخدام الشاكوش مع دخول فصل الصيف ويتم تجميعه داخل حفرة واسعة وتغطيته بالمياه التي تأتي بمشقة بالجردل من بئر عمقه 30 مترًا لأن المنطقة جبلية ويصعب وجود المياه إلا من خلال الآبار، وتظل الطفلات داخل المياه حتى تصبح لينة سهل تكسيرها بالأيدي.

الجاموسة بطلة صناعة قلل القناوي

وأضاف في فجر اليوم التالي تبدأ الجاموستين النزول على الطفلات داخل الحفرة وتستمران في الدوران عليهم لمدة 5 ساعات ساعات حتى تتحول إلى خليط طيني ثم تترك لتعودا الجاموستين في مساء ذات اليوم بتكرار الخطوات السابقة حتى تصبح الطينة متماسكة ورغم التطورات التكنولوجية التي نشاهدها اليوم إلا لا يوجد آلة بديل للجاموسة وبدونها لا يكون في مهنة صناعة “القلل”

يأخذ العمال بعد ذلك الطين من الحفرة ووضعه على بعض ثم تغطيته لمدة يومين في مكان بارد، ثم يأخذها العامل على الدولاب نفس الأداة المستخدمة في صناعة الأواني الفخارية ليبدأ صناعة الجزء الأول من القلة وينقلها إلى المخزن وفي اليوم التالي يكمل الجزء الأخير وشخص مخصص ينقلها بطريقة معينة إلى الشمس حتى تجف ويتم حرقها بعد ذلك داخل الفاخورة باستخدام عيدان الذرة ، ليخرجها العمال بعد برودتها ورصها في الصحراء ليتم بيعها في مختلف المحافظات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى